فصل: باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال

1 - عن وائل بن حجر‏:‏ ‏(‏أنه رأى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر ثم التحف بثوبه ثم وضع اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما وكبر فركع فلما قال سمع اللَّه لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم‏.‏ وفي رواية لأحمد وأبي داود‏:‏ ‏(‏ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد‏)‏‏.‏

الحديث أخرجه النسائي وابن حبان وابن خزيمة‏.‏ وفي الباب عن هلب عند أحمد والترمذي وابن ماجه والدارقطني وفي إسناده قبيصة بن هلب لم يرو عنه غير سماك وثقه العجلي‏.‏ وقال ابن المديني والنسائي‏:‏ مجهول وحديث هلب حسنه الترمذي‏.‏ وعن غطيف بن الحارث عند أحمد‏.‏ وعن ابن عباس عند الدارقطني والبيهقي وابن حبان والطبراني وقد تفرد به حرملة‏.‏ وعن ابن عمر عند العقيلي وضعفه‏.‏ وعن حذيفة عند الدارقطني‏.‏ وعن أبي الدرداء عند الدارقطني مرفوعًا وابن أبي شيبة موقوفًا‏.‏ وعن جابر عند أحمد والدارقطني‏.‏ وعن ابن الزبير عند أبي داود‏.‏ وعن عائشة عند البيهقي وقال‏:‏ صحيح‏.‏ وعن شداد بن شرحبيل عند البزار وفيه عباس بن يونس‏.‏ وعن يعلى بن مرة عند الطبراني وفيه عمر بن عبد اللَّه بن يعلى وهو ضعيف‏.‏ وعن عقبة بن أبي عائشة عند الهيثمي موقوفًا بإسناد حسن‏.‏ وعن معاذ عند الطبراني وفيه الخصيب بن جحدر‏.‏ وعن أبي هريرة عند الدارقطني والبيهقي‏.‏ وعن الحسن مرسلًا عند أبي داود‏.‏ وعن طاوس مرسلًا عنده أيضًا‏.‏ وعن سهل بن سعد وابن مسعود وعلي وسيأتي في هذا الباب‏.‏

قوله ‏(‏والرسغ‏)‏ بضم الراء وسكون المهملة بعدها معجمة هو المفصل بين الساعد والكف‏.‏

قوله ‏(‏والساعد‏)‏ بالجر عطف على الرسغ والرسغ مجرور لعطفه على قوله كفه اليسرى‏.‏ والمراد أنه وضع يده اليمنى على كف يده اليسرى ورسغها وساعدها‏.‏ ولفظ الطبراني‏:‏ ‏(‏وضع يده اليمنى على ظهر اليسرى في الصلاة قريبًا من الرسغ‏)‏ قال أصحاب الشافعي‏:‏ يقبض بكفه اليمنى كوع اليسرى وبعض رسغها وساعدها‏.‏

ـ والحديث ـ يدل على مشروعية وضع الكف على الكف وإليه ذهب الجمهور وروى ابن المنذر عن ابن الزبير والحسن البصري والنخعي أنه يرسلهما ولا يضع اليمنى على اليسرى ونقله النووي عن الليث بن سعد‏.‏ ونقله المهدي في البحر عن القاسمية والناصرية والباقر‏.‏ ونقله ابن القاسم عن مالك وخالفه ابن الحكم فنقل عن مالك الوضع‏.‏ والرواية الأولى عنه هي رواية جمهور أصحابه وهي المشهورة عندهم‏.‏ ونقل ابن سيد الناس عن الأوزاعي التخيير بين الوضع والإرسال‏.‏

ـ احتج الجمهور ـ على مشروعية الوضع بأحاديث الباب التي ذكرها المصنف وذكرناها وهي عشرون عن ثمانية عشر صحابيًا وتابعيين‏.‏ وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال‏:‏ لم يأت عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم فيه خلاف‏.‏

ـ واحتج القائلون ـ بالإرسال بحديث جابر بن سمرة المتقدم بلفظ‏:‏ ‏(‏ما لي أراكم رافعي أيديكم‏)‏ وقد عرفناك أن حديث جابر وارد على سبب خاص‏.‏ ـ فإن قلت ـ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب قلنا إن صدق على الوضع مسمى الرفع فلا أقل من صلاحية أحاديث الباب لتخصيص ذلك العموم وإن لم يصدق عليه مسمى الرفع لم يصح الاحتجاج على مشروعيته بحديث جابر المذكور‏.‏

ـ واحتجوا ـ أيضًا بأنه مناف للخشوع وهو مأمور به في الصلاة وهذه المنافاة ممنوعة‏.‏ قال الحافظ‏:‏ قال العلماء الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع‏.‏ ومن اللطائف قول بعضهم‏:‏ القلب موضع النية والعادة أن من احترز على حفظ شيء جعل يديه عليه انتهى‏.‏ قال المهدي في البحر‏:‏ ولا معنى لقول أصحابنا ينافي الخشوع والسكون‏.‏

ـ واحتجوا ـ أيضًا بأن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم علم المسيء صلاته الصلاة ولم يذكر وضع اليمين على الشمال كذا حكاه ابن سيد الناس عنهم وهو عجيب فإن النزاع في استحباب الوضع لا وجوبه وترك ذكره في حديث المسيء إنما يكون حجة على القائل بالوجوب وقد علم أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم اقتصر على ذكر الفرائض في حديث المسيء‏.‏ وأعجب من هذا الدليل قول المهدي في البحر مجيبًا عن أدلة الجمهور بلفظ قلنا أما فعله فلعله لعذر لاحتماله وأما الخبر فإن صح فقوي ويحتمل الاختصاص بالأنبياء انتهى‏.‏ وقد اختلف في محل وضع اليدين وسيأتي الكلام عليه‏.‏

2 - وعن أبي حازم عن سهل بن سعد قال‏:‏ ‏(‏كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة‏)‏ قال أبو حازم‏:‏ ولا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏

رواه أحمد والبخاري‏.‏

قوله ‏(‏كان الناس يؤمرون‏)‏ قال الحافظ‏:‏ هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏ قال البيهقي‏:‏ لا خلاف في ذلك بين أهل النقل‏.‏ قال النووي في شرح مسلم‏:‏ وهذا حديث صحيح مرفوع‏.‏

قوله ‏(‏على ذراعه اليسرى‏)‏ أبهم هنا موضعه من الذراع وقد بينته رواية أحمد وأبي داود في الحديث الذي قبل هذا‏.‏

قوله ‏(‏ولا أعلمه إلا ينمي‏)‏ هو بفتح أوله وسكون النون وكسر الميم‏.‏ قال أهل اللغة‏:‏ نميت الحديث رفعته وأسندته‏.‏ وفي رواية يرفع مكان ينمي والمراد بقوله ينميه يرفعه في اصطلاح أهل الحديث قاله الحافظ‏.‏

وقد أعل بعضهم الحديث بأنه ظن من أبي حازم ورد بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه إلى آخره لكان في حكم المرفوع لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر وهو النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏

وأجيب عن هذا بأنه لو كان مرفوعًا لما احتاج أبو حازم إلى قوله لا أعلمه إلى آخره ورد بأنه قال ذلك للانتقال إلى التصريح فالأول لا يقال له مرفوع وإنما يقال له حكم الرفع والثاني يقال له مرفوع‏.‏

ـ والحديث ـ يصلح للاستدلال به على وجوب وضع اليد على اليد للتصريح من سهل بن سعد بأن الناس كانوا يؤمرون ولا يصلح لصرفه عن الوجوب ما في حديث علي الآتي بلفظ‏:‏ ‏(‏إن من السنة في الصلاة‏)‏ وكذا ما في حديث ابن عباس بلفظ‏:‏ ‏(‏ثلاث من سنن المرسلين تعجيل الفطر وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال‏)‏ لما تقرر من أن السنة في لسان أهل الشرع أعم منها في لسان أهل الأصول على أن الحديثين ضعيفان‏.‏ ويؤيد الوجوب ما روي أن عليًا فسر قوله تعالى ‏{‏فصل لربك وانحر‏}‏ بوضع اليمين على الشمال رواه الدارقطني والبيهقي والحاكم وقال‏:‏ إنه أحسن ما روي في تأويل الآية‏.‏

وعند البيهقي من حديث ابن عباس مثل تفسير علي وروى البيهقي أيضًا أن جبريل فسر الآية لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم بذلك وفي إسناده إسرائيل بن حاتم وقد اتهمه ابن حبان به ومع هذا فطول ملازمته صلى اللَّه عليه وآله وسلم لهذه السنة معلوم لكل ناقل وهو بمجرده كاف في إثبات الوجوب عند بعض أهل الأصول فالقول بالوجوب هو المتعين إن لم يمنع منه إجماع على أنا لا ندين بحجية الإجماع بل نمنع إمكانه ونجزم بتعذر وقوعه إلا أن من جعل حديث المسيء قرينة صارفة لجميع الأوامر الواردة بأمور خارجة عنه لم يجعل هذه الأدلة صالحة للاستدلال بها على الوجوب وسيأتي الكلام على ذلك‏.‏

3 - وعن ابن مسعود‏:‏ ‏(‏أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى‏)‏‏.‏

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه‏.‏

الحديث قال ابن سيد الناس‏:‏ رجاله رجال الصحيح وقال الحافظ في الفتح‏:‏ إسناده حسن‏.‏

وفي الباب عن جابر عند أحمد والدارقطني قال‏:‏ ‏(‏مر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها ووضع اليمنى على اليسرى‏)‏‏.‏

ـ والحديث ـ يدل على أن المشروع وضع اليمنى على اليسرى دون العكس ولا خلاف فيه بين القائلين بمشروعية الوضع‏.‏

4 - وعن علي رضي اللَّه عنه قال‏:‏ ‏(‏إن من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود‏.‏

الحديث ثابت في بعض نسخ أبي داود وهي نسخة ابن الأعرابي ولم يوجد في غيرها وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي‏.‏

قال أبو داود‏:‏ سمعت أحمد بن حنبل يضعفه وقال البخاري‏:‏ فيه نظر‏.‏ وقال النووي‏:‏ هو ضعيف بالاتفاق وأخرج أبو داود أيضًا عن أبي جرير الضبي عن أبيه قال‏:‏ ‏(‏رأيت عليًا يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة‏)‏ وفي إسناده أبو طالوت عبد السلام بن أبي حازم قال أبو داود‏:‏ يكتب حديثه وأخرج أبو داود عن أبي هريرة بلفظ‏:‏ ‏(‏أخذ الأكف على الأكف تحت السرة‏)‏ وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق المتقدم‏.‏ وأخرج أبو داود أيضًا عن طاوس أنه قال‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بهما على صدره وهو في الصلاة‏)‏ وهو مرسل وهذه الروايات المذكورة عن أبي داود كلها ليست إلا في نسخة ابن الأعرابي كما تقدم‏.‏

ـ والحديث ـ استدل به من قال أن الوضع يكون تحت السرة وهو أبو حنيفة وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأبو إسحاق المروزي من أصحاب الشافعي‏.‏ وذهبت الشافعية قال النووي وبه قال الجمهور إلى أن الوضع يكون تحت صدره فوق سرته‏.‏ وعن أحمد روايتان كالمذهبين ورواية ثالثة أنه يخير بينهما ولا ترجيح وبالتخيير قال الأوزاعي وابن المنذر‏.‏ قال ابن المنذر في بعض تصانيفه‏:‏ لم يثبت عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم في ذلك شيء فهو مخير‏.‏ وعن مالك روايتان إحداهما يضعهما تحت صدره والثانية يرسلهما ولا يضع إحداهما على الأخرى‏.‏

ـ واحتجت الشافعية ـ لما ذهبت إليه بما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وصححه من حديث وائل بن حجر قال‏:‏ ‏(‏صليت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره‏)‏ وهذا الحديث لا يدل على ما ذهبوا إليه لأنهم قالوا إن الوضع يكون تحت الصدر كما تقدم والحديث صريح بأن الوضع على الصدر وكذلك حديث طاوس المتقدم ولا شيء في الباب أصح من حديث وائل المذكور وهو المناسب لما أسلفنا من تفسير علي وابن عباس لقوله تعالى ‏{‏فصل لربك وانحر‏}‏ بأن النحر وضع اليمين على الشمال في محل النحر والصدر‏.‏

 باب نظر المصلي إلى موضع سجوده والنهي عن رفع البصر في الصلاة

1 - عن ابن سيرين‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يقلب بصره في السماء فنزلت هذه الآية ‏{‏والذين هم في صلاتهم خاشعون‏}‏ فطأطأ رأسه‏)‏‏.‏

رواه أحمد في كتاب الناسخ والمنسوخ وسعيد بن منصور في سننه بنحوه وزاد فيه‏:‏ ‏(‏وكانوا يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه‏)‏ وهو حديث مرسل‏.‏

2 - وعن أبي هريرة‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم والنسائي‏.‏

3 - وعن أنس‏:‏ ‏(‏عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهن أو لتخطفن أبصارهم‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا مسلمًا والترمذي‏.‏

4 - وعن عبد اللَّه بن الزبير قال‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا جلس في التشهد وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته‏)‏‏.‏

رواه أحمد والنسائي وأبو داود‏.‏

حديث ابن سيرين مرسل كما قال المصنف لأنه تابعي لم يدرك النبي صلى اللَّه عليه وسلم ورجاله ثقات‏.‏ وأخرجه البيهقي موصولًا وقال‏:‏ المرسل هو المحفوظ‏.‏ وأخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة بلفظ‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت‏:‏ ‏{‏قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون‏}‏ فطأطأ رأسه‏)‏ وقال‏:‏ إنه على شرط الشيخين‏.‏ وحديث ابن الزبير أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه وأصله في مسلم دون قوله ‏(‏ولم يجاوز بصره إشارته‏)‏‏.‏

قوله ‏(‏كان يقلب بصره‏)‏ الخ لعل ذلك كان عند إرادته صلى اللَّه عليه وسلم تحويل القبلة كما وصفه اللَّه تعالى في كتابه بقوله ‏{‏قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها‏}‏‏.‏

قوله ‏(‏أن لا يجاوز بصره مصلاه‏)‏ فيه دليل على استحباب النظر إلى المصلى وترك مجاوزة البصر له‏.‏

قوله ‏(‏لينتهين أقوام‏)‏ بتشديد النون وفيه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان لا يواجه أحد بمكروه بل إن رأى أو سمع ما يكره عمم كما قال‏:‏ ما بال أقوام يشترطون شروطًا لينتهين أقوام عن كذا‏.‏

قوله ‏(‏يرفعون أبصارهم‏)‏ قال ابن المنير‏:‏ نظر المأموم إلى الإمام من مقاصد الائتمام فإذا تمكن من مراقبته بغير التفات أو رفع بصر إلى السماء كان ذلك من إصلاح صلاته‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ فيه حجة لمالك في أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة‏.‏ وقال الشافعي والكوفيون‏:‏ يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده لأنه أقرب إلى الخشوع‏.‏ ويدل عليه ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنها قالت‏:‏ ‏(‏كان الناس في عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا قام المصلي يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه فتوفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد موضع جبينه فتوفي أبو بكر فكان عمر فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة فكان عثمان وكانت الفتنة فالتفت الناس يمينًا وشمالًا‏)‏ لكن في إسناده موسى بن عبد اللَّه بن أبي أمية لم يخرج له من أهل الكتب الستة غير ابن ماجه‏.‏

قوله ‏(‏أو لتخطفن‏)‏ بضم الفوقية وفتح الفاء على البناء للمفعول يعني لا يخلو الحال من أحد الأمرين إما الانتهاء عنه وإما العمى وهو وعيد عظيم وتهديد شديد وإطلاقه يقضي بأنه لا فرق بين أن يكون عند الدعاء أو عند غيره إذا كان ذلك في الصلاة كما وقع به التقييد‏.‏ والعلة في ذلك أنه إذا رفع بصره إلى السماء خرج عن سمت القبلة وأعرض عنها وعن هيئة الصلاة‏.‏ والظاهر أن رفع البصر إلى السماء حال الصلاة حرام لأن العقوبة بالعمى لا تكون إلا عن محرم والمشهور عند الشافعية أنه مكروه وبالغ ابن حزم فقال‏:‏ تبطل الصلاة به‏.‏

وقيل المعنى في ذلك أنه يخشى على الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلي كما في حديث أسيد بن حضير في فضائل القرآن وأشار إلى ذلك الداودي ونحوه في جامع حماد بن سلمة عن أبي مجلز أحد التابعين‏.‏

قوله ‏(‏فاشتد قوله في ذلك‏)‏ إما بتكرير هذا القول أو غيره مما يفيد المبالغة في الزجر‏.‏

قوله ‏(‏لينتهن‏)‏ في رواية أبي داود لينتهين وهو جواب قسم محذوف‏.‏ وفيه روايتان للبخاري فالأكثرون بفتح أوله وضم الهاء وحذف الياء المثناة وتشديد النون على البناء للفاعل والثانية بضم الياء وسكون النون وفتح الفوقية والهاء والياء التحتية وتشديد النون للتأكيد على البناء للمفعول‏.‏

قوله ‏(‏وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى‏)‏ الخ سيأتي الكلام على هذه الهيئة‏.‏

قوله ‏(‏ولم يجاوز بصره إشارته‏)‏ فيه أنه يستحب للمصلي حال التشهد أن لا يرفع بصره إلى ما يجاوز به الإصبع التي يشير بها‏.‏

 باب ذكر الاستفتاح بين التكبير والقراءة

1 - عن أبي هريرة قال‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل القراءة فقلت‏:‏ يا رسول اللَّه بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول قال‏:‏ أقول اللَّهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللَّهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللَّهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا الترمذي‏.‏

قوله ‏(‏هنيهة‏)‏ في رواية ‏(‏هنية‏)‏ قال النووي‏:‏ وأصله هنوة فلما صغرت صارت هنيوة فاجتمعت ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم أدغمت وقد تقلب هاء كما في رواية الكتاب‏.‏ قال النووي أيضًا‏:‏ والهمز خطأ‏.‏ وقال القرطبي‏:‏ إن أكثر الرواة قالوه بالهمز‏.‏

قوله ‏(‏بأبي أنت وأمي‏)‏ هو متعلق بمحذوف إما اسم أو فعل والتقدير أنت مفدى أو أفديك‏.‏

قوله ‏(‏أرأيت‏)‏ الظاهر أنه بفتح التاء بمعنى أخبرني‏.‏

قوله ‏(‏ما تقول‏)‏ فيه إشعار بأنه قد فهم أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يقول قولًا‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ ولعله استدل على أصل القول بحركة الفم كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية‏.‏

قوله ‏(‏باعد‏)‏ قال الحافظ‏:‏ المراد بالمباعدة نحو ما حصل منها يعني الخطايا والعصمة عما سيأتي منها انتهى‏.‏ وفي هذا اللفظ مجازان‏:‏ الأول استعمال المباعدة التي هي في الأصل للأجسام في مباعدة المعاني‏.‏ الثاني استعمال المباعدة في الإزالة بالكلية مع أن أصلها لا يقتضي الزوال وموضع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل وكأنه أراد أن لا يقع له منها اقتراب بالكلية وكرر لفظ بين لأن العطف على الضمير المجرور ويعاد فيه الخافض‏.‏

قوله ‏(‏نقني‏)‏ بتشديد القاف وهو مجاز عن زوال الذنوب ومحوها بالكلية‏.‏ قال الحافظ‏:‏ ولما كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به والدنس الوسخ الذي يدنس الثوب‏.‏

قوله ‏(‏بالثلج والماء والبرد‏)‏ جمع بين الثلاثة تأكيد ومبالغة كما قال الخطابي لأن الثلج والبرد نوعان من الماء‏.‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ عبر بذلك عن غاية المحو فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية تكون في غاية النقاء قال‏:‏ ويحتمل أن يكون المراد أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو‏.‏

ـ والحديث ـ دل على مشروعية الدعاء بين التكبير والقراءة وخالف في ذلك مالك في المشهور عنه والأحاديث ترد عليه‏.‏ وفيه جواز الدعاء في الصلاة بما ليس من القرآن خلافًا للحنفية والهادوية‏.‏ وفيه أن دعاء الاستفتاح يكون بعد تكبيرة الإحرام وخالف في ذلك الهادي والقاسم وأبو العباس وأبو طالب من أهل البيت وسيأتي بيان ما هو الحق في ذلك‏.‏

2 - وعن علي بن أبي طالب قال‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا قام إلى الصلاة قال‏:‏ وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّه رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللَّهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك وإذا ركع قال‏:‏ اللَّهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وإذا رفع رأسه قال‏:‏ اللَّهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد وإذا سجد قال‏:‏ اللَّهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك اللَّه أحسن الخالقين ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم‏:‏ اللَّهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه‏.‏

الحديث أخرجه أيضًا أبو داود والنسائي مطولًا وابن ماجه مختصرًا وقد وقع في بعض نسخ هذا الكتاب مكان قوله رواه أحمد ومسلم الخ رواه الجماعة إلا البخاري وهو الصواب‏.‏ وأخرجه أيضًا ابن حبان وزاد إذا قام إلى الصلاة المكتوبة وكذلك رواه الشافعي وقيده أيضًا بالمكتوبة وكذا غيرهما وأما مسلم فقيده بصلاة الليل وزاد لفظ من جوف الليل‏.‏

قوله ‏(‏كان إذا قام إلى الصلاة‏)‏ وزاد أبو داود ‏(‏كبر‏)‏ ثم قال‏:‏ وهذا تصريح بأن هذا التوجه بعد التكبيرة لا كما ذهب إليه من ذكرنا في شرح الحديث السابق من أنه قبل التكبيرة محتجين على ذلك بقوله تعالى ‏{‏وكبره تكبيرًا‏}‏ بعد قوله ‏{‏الحمد للَّه الذي لم يتخذ ولدًا‏}‏ إلى آخره وهو عندهم التوجه الصغير وقوله ‏(‏وجهت وجهي‏)‏ التوجه الكبير وهذا إنما يتم بعد تسليم أن المراد بقوله ‏{‏وكبره تكبيرًا‏}‏ الإحرام وبعد تسليم أن الواو تقتضي الترتيب وبعد تسليم أن قوله تعالى ‏{‏الحمد للَّه الذي لم يتخذ ولدًا‏}‏ إلى آخره من التوجهات الواردة‏.‏

وهذه الأمور جميعًا ممنوعة ودون تصحيحها مفاوز وعقاب والأحسن الاحتجاج لهم بإطلاق بعض الأحاديث الواردة كحديث جابر بلفظ‏:‏ ‏(‏كان إذا استفتح الصلاة‏)‏ وحديث الباب بلفظ‏:‏ ‏(‏كان إذا قام إلى الصلاة‏)‏ ولا يخفى عليك أنه قد ورد التقييد في حديث أبي هريرة المتقدم وفي حديث الباب أيضًا في رواية أبي داود كما ذكرنا‏.‏ وفي حديث أبي سعيد‏:‏ ‏(‏كان إذا قام إلى الصلاة كبر‏)‏ وسيأتي‏.‏ وقد ورد التقييد في غير حديث وحمل المطلق على المقيد واجب على ما هو الحق في الأصول‏.‏

ـ ومن غرائبهم ـ قولهم‏:‏ إنه لا يشرع التوجه بغير ما ورد في هذا الحديث من الألفاظ القرآنية إلا قوله تعالى ‏{‏الحمد للَّه الذي لم يتخذ ولدًا‏}‏ الخ وقد وردت الأحاديث الصحيحة بتوجهات متعددة‏.‏

قوله ‏(‏وجهت وجهي‏)‏ قبل معناه قصدت بعبادتي‏.‏ وقيل أقبلت بوجهي وجمع السماوات وإفراد الأرض مع كونها سبعًا لشرفها‏.‏ وقال القاضي أبو الطيب‏:‏ لأنا لا ننتفع من الأرض إلا بالطبقة الأولى بخلاف السماء فإن الشمس والقمر والكواكب موزعة عليها‏.‏ وقيل لأن الأرض السبع لها سكن أخرج البيهقي عن أبي الضحى عن ابن عباس أنه قال‏:‏ قوله ‏{‏ومن الأرض مثلهن‏}‏ قال سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوحكم وإبراهيم كإبراهيمكم وعيسى كعيساكم‏.‏ قال‏:‏ وإسناده صحيح عن ابن عباس غير أني لا أعلم لأبي الضحى متابعًا‏.‏

قوله ‏(‏حنيفًا‏)‏ الحنيف المائل إلى الدين الحق وهو الإسلام قاله الأكثر ويطلق على المائل والمستقيم وهو عند العرب اسم لمن كان على ملة إبراهيم وانتصابه على الحال‏.‏

قوله ‏(‏ونسكي‏)‏ النسك العبادة للَّه وهو من ذكر العام بعد الخاص‏.‏

قوله ‏(‏ومحياي ومماتي‏)‏ أي حياتي وموتي‏.‏ والجمهور على فتح الياء الآخرة في محياي وقرئ بإسكانها‏.‏

قوله ‏(‏وأنا من المسلمين‏)‏ في رواية لمسلم‏:‏ ‏(‏وأنا أول المسلمين‏)‏ قال الشافعي‏:‏ لأنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان أول مسلمي هذه الأمة‏.‏ وفي رواية أخرى لمسلم كما هنا‏.‏ قال في الانتصار‏:‏ إن غير النبي إنما يقول وأنا من المسلمين وهو وهم منشؤه توهم أن معنى وأنا أول المسلمين أني أول شخص اتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه وليس كذلك بل معناه بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به ونظيره‏:‏ ‏{‏قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين‏}‏ وقال موسى ‏{‏وأنا أول المؤمنين‏}‏ وظاهر الإطلاق أنه لا فرق في قوله وأنا من المسلمين وقوله وما أنا من المشركين بين الرجل والمرأة وهو صحيح على إرادة الشخص‏.‏ وفي المستدرك للحاكم من رواية عمران بن حصين أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال لفاطمة‏:‏ ‏(‏قومي فاشهدي أضحيتك وقولي إن صلاتي ونسكي إلى قوله وأنا من المسلمين‏)‏ فدل على ما ذكرناه‏.‏

قوله ‏(‏ظلمت نفسي‏)‏ اعتراف بما يوجب نقص حظ النفس من ملابسة المعاصي تأدبًا وأراد بالنفس هنا الذات المشتملة على الروح‏.‏

قوله ‏(‏لأحسن الأخلاق‏)‏ أي لأكملها وأفضلها‏.‏

قوله ‏(‏سيئها‏)‏ أي قبيحها‏.‏

قوله ‏(‏لبيك‏)‏ هو من ألب بالمكان إذا أقام به وثنى هذا المصدر مضافًا إلى الكاف وأصل لبيك لبين فحذف النون للإضافة‏.‏ وقال النووي‏:‏ قال العلماء ومعناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة‏.‏

قوله ‏(‏وسعديك‏)‏ قال الأزهري وغيره‏:‏ معناه مساعدة لأمرك بعد مساعدة ومتابعة لدينك بعد متابعة‏.‏

قوله ‏(‏والخير كله في يديك‏)‏ زاد الشافعي عن مسلم بن خالد عن موسى بن عقبة والمهدي من هديت‏.‏ قال الخطابي وغيره‏:‏ فيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على اللَّه ومدحه بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على جهة الأدب‏.‏

قوله ‏(‏والشر ليس إليك‏)‏ قال الخليل بن أحمد والنضر بن شميل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة والأزهري وغيرهم‏:‏ معناه لا يتقرب به إليك روى ذلك النووي عنهم وهذا القول الأول والقول الثاني حكاه الشيخ أبو حامد عن المزني أن معناه لا يضاف إليك على انفراده لا يقال يا خالق القردة والخنازير ويا رب الشر ونحو هذا وإن كان خالق كل شيء ورب كل شيء وحينئذ يدخل الشر في العموم‏.‏ والثالث معناه والشر لا يصعد إليك وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح‏.‏ والرابع معناه والشر ليس شرًا بالنسبة إليك فأنت خلقته بحكمة بالغة وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين‏.‏ والخامس حكاه الخطابي أنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان عداده فيهم حكى هذه الأقوال النووي في شرح مسلم وقال‏:‏ إنه مما يجب تأويله لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل اللَّه تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها اهـ وفي المقام كلام طويل ليس هذا موضعه‏.‏

قوله ‏(‏أنا بك وإليك‏)‏ أي التجائي وانتمائي إليك وتوفيقي بك قاله النووي‏.‏

قوله ‏(‏تباركت‏)‏ قال ابن الأنباري‏:‏ تبارك العباد بتوحيدك وقيل ثبت الخير عندك وقال النووي‏:‏ استحققت الثناء‏.‏

قوله ‏(‏خشع لك‏)‏ أي خضع وأقبل عليك من قولهم خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت‏.‏

قوله ‏(‏ومخي‏)‏ قال ابن رسلان‏:‏ المراد به هنا الدماغ وأصله الودك الذي في العظم وخالص كل شيء مخه‏.‏

قوله ‏(‏وعصبي‏)‏ العصب طنب المفاصل وهو ألطف من العظم زاد الشافعي في مسنده من رواية أبي هريرة‏:‏ ‏(‏وشعري وبشري‏)‏ والجمهور على تضعيف هذه الزيادة وزاد النسائي من رواية جابر‏:‏ ‏(‏ودمي ولحمي‏)‏ وزاد ابن حبان في صحيحه‏:‏ ‏(‏وما استقلت به قدمي للَّه رب العالمين‏)‏‏.‏

قوله ‏(‏ملء السماوات‏)‏ هو وما بعده بكسر الميم ونصب الهمزة ورفعها والنصب أشهر قاله النووي ورجحه ابن خالويه وأطنب في الاستدلال وجوز الرفع على أنه مرجوح‏.‏

وحكى عن الزجاج أنه يتعين الرفع ولا يجوز غيره وبالغ في إنكار النصب‏.‏ والذي تقتضيه القواعد النحوية هو ما قاله ابن خالويه‏.‏ قال النووي‏:‏ قال العلماء معناه حمدًا لو كان أجسامًا لملأ السماوات والأرض وما بينهما لعظمه وهكذا قال القاضي عياض وصرح أنه من قبيل الاستعارة‏.‏

قوله ‏(‏وملء ما شئت من شيء بعد‏)‏ وذلك كالكرسي والعرش وغيرهما مما لم يعلمه إلا اللَّه والمراد الاعتناء في تكثير الحمد‏.‏

قوله ‏(‏وصوره‏)‏ زاد مسلم وأبو داود فأحسن صوره وهو الموافق لقوله تعالى ‏{‏فأحسن صوركم‏}‏‏.‏

قوله ‏(‏وشق سمعه وبصره‏)‏ رواية أبي داود فشق قال القاضي عياض‏:‏ قال الإمام يحتج به من يقول الأذنان من الوجه وقد مر الكلام على ذلك‏.‏

قوله ‏(‏فتبارك‏)‏ هكذا رواية ابن حبان وهو في مسلم بدون الفاء وفي سنن أبي داود بالواو‏.‏

قوله ‏(‏أحسن الخالقين‏)‏ أي المصورين والمقدرين‏.‏ والخلق في اللغة الفعل الذي يوجده فاعله مقدرًا له لا عن سهو وغفلة والعبد قد يوجد منه ذلك‏.‏ قال الكعبي‏:‏ لكن لا يطلق الخالق على العبد إلا مقيدًا كالرب‏.‏

قوله ‏(‏ما قدمت وما أخرت‏)‏ المراد بقوله ما أخرت إنما هو بالنسبة إلى ما وقع من ذنوبه المتأخرة لأن الاستغفار قبل الذنب محال كذا قال أبو الوليد النيسابوري‏.‏ قال الأسنوي‏:‏ ولقائل أن يقول المحال إنما هو طلب مغفرته قبل وقوعه وأما الطلب قبل الوقوع أن يغفر إذا وقع فلا استحالة فيه‏.‏

قوله ‏(‏وما أسررت وما أعلنت‏)‏ أي جميع الذنوب لأنها إما سرًا أو علن‏.‏

قوله ‏(‏وما أسرفت‏)‏ المراد الكبائر لأن الإسراف الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد فيه‏.‏

قوله ‏(‏وما أنت أعلم به مني‏)‏ أي من ذنوبي وإسرافي في أموري وغير ذلك‏.‏

قوله ‏(‏أنت المقدم وأنت المؤخر‏)‏ قال البيهقي‏:‏ قدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين وأخر من شاء عن مراتبهم‏.‏ وقيل قدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده وأخر من أبعده عن غيره فلا مقدم لما أخر ولا مؤخر لما قدم‏.‏

قوله ‏(‏لا إله إلا أنت‏)‏ أي ليس لنا معبود نتذلل له ونتضرع إليه في غفران ذنوبنا إلا أنت‏.‏

ـ الحديث ـ يدل على مشروعية الاستفتاح بما في هذا الحديث‏.‏ قال النووي‏:‏ إلا أن يكون إمامًا لقوم لا يرون التطويل‏.‏ وفيه استحباب الذكر في الركوع والسجود والاعتدال والدعاء قبل السلام‏.‏ وفيه الدعاء في الصلاة بغير القرآن والرد على المانعين من ذلك وهم الحنفية والهادوية‏.‏

3 - وعن عائشة قالت‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا استفتح الصلاة قال‏:‏ سبحانك اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك‏)‏‏.‏

رواه أبو داود والدارقطني مثله من رواية أنس‏.‏ وللخمسة مثله من حديث أبي سعيد‏.‏ وأخرج مسلم في صحيحه أن عمر كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول‏:‏ ‏(‏سبحانك اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك‏)‏‏.‏ وروى سعيد بن منصور في سننه عن أبي بكر الصديق أنه كان ‏(‏يستفتح بذلك‏)‏ وكذلك رواه الدارقطني عن عثمان بن عفان وابن المنذر عن عبد اللَّه بن مسعود‏.‏ وقال الأسود‏:‏ ‏(‏كان عمر إذا افتتح الصلاة قال سبحانك اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك يسمعنا ذلك ويعلمنا‏)‏ رواه الدارقطني‏.‏

أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي وابن ماجه والدارقطني والحاكم قال الترمذي‏:‏ هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وحارثة يعني ابن أبي الرجال المذكور في إسناد هذا الحديث قد تكلم فيه من قبل حفظه انتهى‏.‏

وقال أبو داود بعد إخراجه‏:‏ ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب لم يروه عن عبد السلام إلا طلق بن غنام‏.‏ وقال الدارقطني‏:‏ ليس هذا الحديث بالقوي وقال الحافظ محمد بن عبد الواحد‏:‏ ما علمت فيهم يعني رجال إسناد أبي داود مجروحًا انتهى‏.‏

وطلق بن غنام أخرج عنه البخاري في الصحيح‏:‏ وعبد السلام بن حرب أخرج له الشيخان ووثقه أبو حاتم وقد صحح الحاكم هذا الحديث وأورد له شاهدًا وقال الحافظ‏:‏ رجال إسناده ثقات لكن فيه انقطاع‏.‏ قال‏:‏ وفي الباب عن ابن مسعود وعثمان وأبي سعيد وأنس والحكم بن عمرو وأبي أمامة وعمرو بن العاص وجابر‏.‏ وأما حارثة بن أبي الرجال الذي أخرج الحديث الترمذي من طريقه فضعفه أحمد ويحيى والرازيان وابن عدي وابن حبان‏.‏ وأما حديث أبي سعيد فسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا‏.‏ وأما أن عمر كان يجهر بهذه الكلمات فرواه مسلم عن عبدة بن أبي لبابة عنه وهو موقوف على عمر وعبدة لا يعرف له سماع من عمر وإنما سمع من عبد اللَّه بن عمر ويقال رأى عمر رؤية وقد روى هذا الكلام عن عمر مرفوعًا إلى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال الدارقطني‏:‏ المحفوظ عن عمر موقوف‏.‏ قال الحاكم‏:‏ وقد صح ذلك عن عمر وهو في صحيح ابن خزيمة عنه‏.‏ قال الحافظ‏:‏ وفي إسناده انقطاع وهكذا رواه الترمذي عن عمر موقوفًا ورواه أيضًا عن ابن مسعود‏.‏

قوله ‏(‏سبحانك‏)‏ التسبيح تنزيه اللَّه تعالى وأصله كما قال ابن سيد الناس المراد السريع في عبادة اللَّه وأصله مصدر مثل غفران‏.‏

قوله ‏(‏وبحمدك‏)‏ قال الخطابي‏:‏ أخبرني ابن جلاد قال‏:‏ سألت الزجاج عن قوله سبحانك اللَّهم وبحمدك فقال معناه سبحانك وبحمدك سبحتك‏.‏

قوله ‏(‏تبارك اسمك‏)‏ البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء وفيه إشارة إلى اختصاص أسمائه تعالى بالبركات‏.‏

قوله ‏(‏وتعالى جدك‏)‏ الجد العظمة وتعالى تفاعل من العلو أي علت عظمتك على عظمة كل أحد غيرك‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ معنى تعالى جدك علا جلالك وعظمتك‏.‏

ـ والحديثان ـ وما ذكره المصنف من الآثار تدل على مشروعية الاستفتاح بهذه الكلمات‏.‏

قال المصنف رحمه اللَّه‏:‏ واختيار هؤلاء يعني الصحابة الذين ذكرهم بهذا الاستفتاح وجهر به عمر أحيانًا بمحضر من الصحابة ليتعلمه الناس مع أن السنة إخفاؤه يدل على أنه الأفضل وأنه الذي كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يداوم عليه غالبًا وإن استفتح بما رواه علي أو أبو هريرة فحسن لصحة الرواية انتهى‏.‏

ـ ولا يخفى ـ أن ما صح عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أولى بالإيثار والاختيار‏.‏ وأصح ما روي في الاستفتاح حديث أبي هريرة المتقدم ثم حديث علي‏.‏ وأما حديث عائشة فقد عرفت ما فيه من المقال وكذلك حديث أبي سعيد ستعرف المقال الذي فيه‏.‏ قال الإمام أحمد‏:‏ أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر ولو أن رجلًا استفتح ببعض ما روي كان حسنًا‏.‏

وقال ابن خزيمة‏:‏ لا أعلم في الافتتاح بسبحانك اللَّهم خبرًا ثابتًا وأحسن أسانيده حديث أبي سعيد ثم قال‏:‏ لا نعلم أحدًا ولا سمعنا به استعمل هذا الحديث على وجهه‏.‏

 باب التعوذ بالقراءة

قال اللَّه تعالى ‏{‏فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللَّه من الشيطان الرجيم‏}‏‏.‏

1 - وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه‏:‏ ‏(‏كان إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه‏)‏‏.‏

رواه أحمد والترمذي‏.‏ وقال ابن المنذر‏:‏ جاء عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه‏:‏ ‏(‏كان يقول قبل القراءة أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم‏)‏ وقال الأسود‏:‏ ‏(‏رأيت عمر حين يفتتح الصلاة يقول سبحانك اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يتعوذ‏)‏‏.‏

رواه الدارقطني‏.‏

حديث أبي سعيد أخرجه أيضًا أبو داود والنسائي ولفظ الترمذي‏:‏ ‏(‏كان إذا قام إلى الصلاة كبر ثم يقول سبحانك اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يقول اللَّه أكبر اللَّه أكبر ثم يقول أعوذ باللَّه‏)‏ إلى آخر ما ذكره المصنف‏.‏

ولفظ أبي داود كلفظ الترمذي إلا أنه قال‏:‏ ‏(‏ثم يقول لا إله إلا اللَّه ثلاثًا ثم يقول اللَّه أكبر كبيرًا ثلاثًا أعوذ باللَّه‏)‏ إلى آخره‏.‏ قال أبو داود‏:‏ وهذا الحديث يقولون هو عن علي بن علي يعني الرفاعي عن الحسن الوهم من جعفر‏.‏

وقال الترمذي‏:‏ حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب‏.‏ وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث‏.‏ وأما أكثر أهل العلم فقالوا‏:‏ إنما روي عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه كان يقول‏:‏ ‏(‏سبحانك اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك‏)‏ هكذا روي عن عمر بن الخطاب وعبد اللَّه بن مسعود والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم‏.‏ وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي وقال أحمد‏:‏ لا يصح هذا الحديث انتهى كلام الترمذي‏.‏

وعلي بن علي هو ابن نجاد بن رفاعة الرفاعي البصري روى عنه وكيع ووثقه وأبو نعيم وزيد ابن الحباب وشيبان بن فروخ‏.‏ وقال الفضل بن دكين وعفان‏:‏ كان علي بن علي الرفاعي يشبه بالنبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏ وقال أحمد بن حنبل‏:‏ هو صالح‏.‏ وقال محمد بن عبد اللَّه بن عمار‏:‏ زعموا أنه كان يصلي كل يوم ستمائة ركعة وكان يشبه عيناه بعيني النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وكان رجلًا عابدًا ما أرى أن يكون له عشرون حديثًا قيل له‏:‏ أكان ثقة قال‏:‏ نعم‏.‏ وقال ابن معين‏:‏ ثقة‏.‏ وقال أبو حاتم‏:‏ ليس به بأس لا يحتج بحديثه‏.‏ وقال يعقوب بن إسحاق‏:‏ قدم علينا شعبة فقال‏:‏ اذهبوا بنا إلى سيدنا وابن سيدنا علي بن علي الرفاعي‏.‏

قوله ‏(‏من همزه ونفخه ونفثه‏)‏ قد ذكر ابن ماجه تفسير هذه الثلاثة عن عمرو بن مرة الجملي بفتح الجيم والميم فقال‏:‏ نفثه الشعر ونفخه الكبر وهمزه الموتة بسكون الواو بدون همز والمراد بها هنا الجنون وكذا فسره بهذا أبو داود في سننه‏.‏ وإنما كان الشعر من نفثة الشيطان لأنه يدعو الشعراء المداحين الهجائين المعظمين المحقرين إلى ذلك‏.‏ وقيل المراد شياطين الإنس وهم الشعراء الذين يختلقون كلامًا لا حقيقة له والنفث في اللغة قذف الريق وهو أقل من التفل‏.‏ والنفخ في اللغة أيضًا نفخ الريح في الشيء وإنما فسر بالكبر لأن المتكبر يتعاظم لا سيما إذا مدح‏.‏ والهمز في اللغة أيضًا العصر يقال همزت الشيء في كفي أي عصرته‏.‏ وهمز الإنسان اغتيابه‏.‏

ـ والحديث ـ يدل على مشروعية الافتتاح بما ذكر في الحديث وفيه وفي سائر الأحاديث رد لما ذهب إليه مالك من عدم استحباب الافتتاح بشيء وفي تقييده ببعد التكبير كما تقدم رد لما ذهب إليه من قال إن الافتتاح قبل التكبير وفيه أيضًا مشروعية التعوذ من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه وإلى ذلك ذهب أحمد وأبو حنيفة والثوري وابن راهويه وغيرهم وقد ذهب الهادي والقاسم من أهل البيت إلى أن محله قبل التوجه ومذهبهما أن التوجه قبل التكبيرة كما تقدم وقد عرفت التصريح بأنه بعد التكبير وهذا الحديث وإن كان فيه المقال المتقدم فقد ورد من طرق متعددة يقوي بعضها بعضًا‏.‏ منها ما أخرجه ابن ماجه من حديث عبد اللَّه بن مسعود عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم بلفظ‏:‏ ‏(‏اللَّهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه‏)‏ وأخرجه أيضًا البيهقي‏.‏ ومنها ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث جبير ابن مطعم ‏(‏أنه رأى النبي صلى اللَّه عليه وسلم صلى صلاة فقال اللَّه أكبر كبيرًا اللَّه أكبر كبيرًا اللَّه أكبر كبيرًا الحمد للَّه كثيرًا الحمد للَّه كثيرًا الحمد للَّه كثيرًا وسبحان اللَّه بكرة وأصيلًا ثلاثًا أعوذ باللَّه من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه‏)‏‏.‏

ومنها ما أخرجه أحمد عن أبي أمامة بنحو حديث جبير‏.‏ ومنها عن سمرة عند الترمذي ومنها عن عمر موقوفًا عند الدارقطني كما ذكره المصنف وهو أيضًا عند الترمذي هذا مع ما يؤيد ثبوت هذه السنة من عموم القرآن والحديث مصرح أن التعوذ المذكور يكون بعد الافتتاح بالدعاء المذكور في الحديث‏.‏

ـ فائدة ـ قال الحافظ في التلخيص‏:‏ كلام الرافعي يقتضي أنه لم يرد الجمع بين وجهت وجهي وبين سبحانك اللَّهم وليس كذلك فقد جاء في حديث ابن عمر رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد اللَّه بن عامر الأسلمي وهو ضعيف وفيه عن جابر أخرجه البيهقي بسند جيد ولكنه من رواية ابن المنكدر عنه وقد اختلف عليه فيه وفيه عن علي رواه إسحاق بن راهويه في مسنده وأعله أبو حاتم انتهى‏.‏

ـ فائدة أخرى ـ الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى وقد ذهب الحسن وعطاء وإبراهيم إلى استحبابه في كل ركعة واستدلوا بعموم قوله تعالى ‏{‏فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللَّه‏}‏ ولا شك أن الآية تدل على مشروعية الاستعاذة قبل قراءة القرآن وهي أعم من أن يكون القارئ خارج الصلاة أو داخلها‏.‏ وأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة يدل على المنع منه حال الصلاة من غير فرق بين الاستعاذة وغيرها مما لم يرد به دليل يخصه ولا وقع الإذن بجنسه فالأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط وسيأتي ما يدل على ذلك في باب افتتاح الثانية بالقراءة‏.‏